الرعاية التربوية المستمرة للأطفال نحو بيئات تعلم محفزة وشاملة

كتبها أبو بلج عبدالله العيسري

مؤسس مدرسة القارئ العبقري

جدول المحتويات

5
(1)

مدخل

تعد الرعاية التربوية المستمرة للأطفال من أهم ركائز بناء مجتمع متعلم ومتحضر.

إنها ليست مجرد عملية تعليمية تحدث داخل جدران المدارس، بل هي منظومة متكاملة تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المؤسسات التعليمية والمجتمع.

تهدف هذه الرعاية إلى تزويد الأطفال بالمعرفة والمهارات والقيم التي تؤهلهم لمواجهة تحديات المستقبل بوعي وثقة.

مفهوم الرعاية التربوية المستمرة

لعل خير من عبر عن الرعاية التربوية المستمرة المعلم الأول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ ففي الحديث المتفق عليه عند الشيخين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته)

إن الرعاية التربوية المستمرة تعني الاهتمام المستمر والشامل بنمو الطفل من جميع الجوانب: الأكاديمية، الاجتماعية، العاطفية، والجسدية.

تشمل هذه الرعاية توفير بيئة تعلم إيجابية وداعمة تلبي احتياجات الطفل على مدى مراحله العمرية المختلفة.

فهي عملية تراكمية لا تنتهي بتخرج الطفل من المدرسة، بل تسهم في بناء شخصيته وقدرته على التعلم مدى الحياة.

دور الأسرة في تحقيق الرعاية التربوية

الأسرة النواة الأولى في رعاية الطفل وتوجيهه.

ومن أبرز المسؤوليات التي تقع على عاتق الأسرة:

١. تعزيز قيمة التعليم

ينبغي أن يكون التعليم أولوية لدى الأسرة من خلال توفير الموارد اللازمة ومتابعة تقدم الطفل

وفي كتاب ١٥حقيقة لعلاج الضعف القرائي يقول عبدالله العيسري مؤسس مدرسة القارئ العبقري ”الأسرة هي المفتاح”

٢.غرس القيم الأخلاقية

مثل بر الوالدين وصلة الرحم وقول الحسن والصدق والاحترام والمسؤولية، لأن مكارم الأخلاق تشكل الأساس للفوز في الدنيا والآخرة

٣.الدعم النفسي والعاطفي

يحتاج الأطفال إلى بيئة عائلية توفر الأمان العاطفي والدعم، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم.

ومن أهم وجوه الدعم التربية بالتغافل عن أخطائهم، والتغاضي عن زالاتهم

فعن عثمان بن زائدة قال: “العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل”.

ولله در أبي تمام حين قال:

ليس الذكي بسيد في قومه

لكن سيد قومه المتغابي

 ٤.تشجيع الفضول والاستكشاف

يمكن للأسرة دعم اهتمام الطفل بالنظر في الكون والعلوم والفنون من خلال توفير الأنشطة المحفزة.

والأسرة الواعية تهتم بالرتع أكثر من اهتمامها باللعب

 

دور المدرسة في الرعاية التربوية المستمرة

المدرسة ليست مجرد مكان لتلقي المعرفة، بل هي مؤسسة تربوية تعمل على تنمية شخصية الطفل ككل. ومن أهم الأدوار التي يمكن للمدرسة القيام بها:

 

 ١.توفير بيئات تعلم محفزة

– تصميم فصول دراسية مبتكرة تحتوي على تقنيات تعليمية حديثة.

– استخدام وسائل تعليم تفاعلية تحفز خيال الأطفال وتعمق فهمهم.

٢.الاهتمام بالجوانب العاطفية والاجتماعية

– تقديم برامج دعم نفسي وإرشاد تعليمي للطلاب الذين يواجهون صعوبات.

– تعزيز الأنشطة التعاونية والعمل الجماعي لبناء مهارات التواصل.

٣.تنويع أساليب التعليم

– اعتماد أساليب تعليم مرنة تلبي الاحتياجات المختلفة للطلاب، مثل التعلم القائم على المشاريع أو الألعاب التعليمية.

– التركيز على التعليم الشمولي الذي يمزج بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي.

٤. تأهيل المعلمين

– توفير برامج تدريبية مستمرة للمعلمين لتحسين مهاراتهم في التعامل مع الأطفال وتعزيز بيئات التعلم.

– تشجيع المعلمين على استخدام استراتيجيات تعليمية مبتكرة.

كيف يمكن تحسين بيئات التعلم؟

تحسين بيئات التعلم يتطلب تعاونًا مستمرًا بين الأسرة والمدرسة والمجتمع.

إليك بعض الاقتراحات:

١. إعادة تصميم الفصول الدراسية

– إضافة مساحات مرنة ومفتوحة تشجع الإبداع والتفاعل.

– استخدام ألوان وتصاميم مريحة للعين تعزز التركيز.

٢. دمج التقنية بذكاء:

– توفير أجهزة وأدوات تعليمية متطورة مثل اللوحات الذكية والأجهزة اللوحية.

– استخدام تطبيقات تعليمية ممتعة تعزز المشاركة.

٣. تطوير المكتبات والمرافق المدرسية:

– تحسين المكتبات المدرسية لتكون أكثر جذبًا للأطفال.

– إنشاء مساحات خارجية للتعلم في الهواء الطلق.

٤. تشجيع الأنشطة اللاصفية:

– تعزيز الأنشطة الرياضية والفنية والمسرحية التي تساعد على اكتشاف مواهب الأطفال.

– تنظيم رحلات علمية وثقافية لتوسيع آفاق الطلاب.

٥. تعزيز شراكات المجتمع:

– التعاون مع الجمعيات والمؤسسات المحلية لتوفير موارد إضافية لدعم التعليم.

– دعوة شخصيات ناجحة لإلقاء محاضرات ملهمة في المدارس.

الاستثمار في مستقبل الأطفال

الرعاية التربوية المستمرة ليست رفاهية، بل هي استثمار طويل الأمد في مستقبل الأطفال والمجتمع. عندما نقدم بيئة تعلم متكاملة ومستمرة، فإننا نساهم في بناء جيل قادر على الابتكار، التفكير النقدي، والتعامل مع تحديات العالم الحديث.

دعونا نتكاتف كأهالٍ ومعلمين وقادة مجتمع لتحسين كل ما نقدمه لأطفالنا. لأنهم يستحقون أن يعيشوا في عالم يوفر لهم كل الفرص للنمو والتقدم، ولأنهم يستحقون أن نعدهم للحياة

إلى أي مدى كانت هذه المقالة مفيدة؟

متوسط التقييمات 5 / 5. عدد الأصوات: 1

لم يتم التصويت حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *